د. جوزيف ديراني، قسم الجراحة القلبية الوعائية، مايو كلينك: اسمي د. جوزيف ديراني وأنا رئيس قسم الجراحة القلبية الوعائية في مايو كلينك، وأتمتع بخبرة متخصصة في أمراض القلب لدى الأطفال ومرض القلب الخلقي. لذا، أود اليوم التحدث عن مشكلات الصمامات لدى الأطفال المصابين بأمراض القلب.

ما الذي يجب أن يعرفه المرضى وعائلاتهم؟ سنركز على ارتجاع الصمامات، أو قلس الصمامات، كما يطلق عليه الأطباء. كل من الصمام التاجي والصمام ثلاثي الشُرَف والصمام الأورطي أكثر الصمامات عرضة للإصابة بالتسريب، الذي يتطلب العلاج. يمكن تشخيص أي من تلك الصمامات بعدة تشخيصات، بدءًا من إصابة الصمامات بخلل بنيوي فعلي، مثل إصابة الصمام ثلاثي الشُرَف بشذوذ إيبشتاين أو إصابة الصمام التاجي أو الصمام ثلاثي الشُرَف بارتجاع خلقي، بسبب صلتهما الوثيقة بالإصابة بخلل الحاجز الأذيني البطيني أو خلل القناة الأذينية البطينية. ويمكن أن يؤدي الانسداد الخلقي الرئوي مع الحاجز البطيني السليم إلى حدوث مشكلات في الصمام ثلاثي الشُرَف، كما يمكن أن يكون صمام الشريان الأورطي ثنائي الشُرَف الذي يولد به الشخص عرضة للضيق أو التسريب. وفي النهاية، قد يتعرض الصمام لإصابة نتيجة خطأ علاجي أثناء ترميم آفة أخرى. على سبيل المثال، إصابة الصمام ثلاثي الشُرَف أثناء علاج خلل بالحاجز الأذيني البطيني. كما يمكن أن يتعرض الصمام لإصابة تتعلق بتوسع الحلقة، التي قد تكون مشكلة ثانوية مرتبطة بخلل في البطين. وفي الوقت الراهن، يوجد كثير من الآفات الخلقية التي تستلزم في النهاية زرع جهاز تنظيم ضربات القلب أو مُزيل رجفان القلب الداخلي ويمكن أن تسبب حدوث ارتجاع أيضًا. وهكذا تظهر مجموعة كبيرة للغاية من الآفات.

وأهم شيء الآن من منظور المريض وعائلته، وكذلك من منظور الطبيب، هو توقيت إجراء الجراحة. وقد يكون من الصعب للغاية تحديد توقيت الجراحة، خاصةً في حالات الأطفال، حيث لا يظهر إلا أعراض قليلة في كثير من حالات تسريب الصمامات. في بعض الأحيان قد لا تظهر أي أعراض ومن المهم معرفة أن المرض قد يكون في مرحلة متأخرة للغاية حتى لو لم تظهر على المريض أي أعراض.

إذًا، ماذا تشمل الأعراض؟ قد تشمل الأعراض التقليدية لتسريب الصمامات ضيق النفس أو الإرهاق أو قد يحدث تأخُّر النمو عند الأطفال الصغار، أي انخفاض وزن الأطفال عن الوزن الطبيعي. وقد تكون الأعراض غير ملحوظة للغاية عند الأطفال، مثل العجز عن مواكبة الأطفال الآخرين في نفس السن وأخذ قيلولة لفترات أكبر بعد الظهر والنوم في وقت مبكر من المساء، وهي أعراض يمكن فقط للأب أو الأم ملاحظتها. أو قد يكون الشخص مصابًا من دون ظهور أعراض عليه على الإطلاق ويمارس حياته بشكل طبيعي. وفي جميع الحالات، نُجري مخطط صدى القلب حيث يوفر هذا المخطط معلومات تساعد على تحديد توقيت الجراحة. كما يزودنا بمعلومات حول ما إذا كان البطين متوسعًا أم لا وما إذا كان به أي خلل وظيفي أم لا. ويستلزم وجود أي من هذين الخللين سرعة التدخل. عندما تتسع وظيفة البطين ثم يتسع الأذينان وتتسع حجرات القلب المستقبلة للدم، قد يصاب الشخص باضطراب النظم القلبي كما يمكن أن يترتب على بدء اضطراب النظم القلبي أو تقدّمه ضرورة التدخل الجراحي. وفي النهاية، إذا كان الجراح على ثقة تامة في قدرته على ترميم الصمام، فيمكن التفكير في إجراء الجراحة في وقت أبكر لمحاولة تجنب حدوث أي خلل قد يصيب البطين لاحقًا. دراسات التصوير المقطعية الأخرى إلى جانب تخطيط صدى القلب، الذي يتضمن تخطيط صدى القلب ثنائي الأبعاد وثلاثي الأبعاد، مثالية تمامًا لتحديد تشريح الصمام. والنتائج دليل يعتمد عليه الجراح لتحديد ما إذا كان بإمكانه ترميم الصمام أم لا. ويُستكمل ذلك غالبًا إما بالتصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي المحوسب، لتوفير نظرة متعمقة بشأن حالة وظيفة البطين، وخاصة البطين الأيمن، ومدى حجمه ووظيفته.

أصبح لدينا الآن العديد من تقنيات الترميم. والأكثر أهمية، أن نجاح عملية الترميم يرتبط ارتباطًا وثيقًا بخبرة الجراح. يجب أن تسأل الجراح الذي سيُجري لك العملية الجراحية على وجه التحديد عن عدد العمليات التي أجراها. وهناك مجموعة متنوعة من تقنيات الترميم المصممة خصيصًا لمعالجة الخلل المحدد. قد تشمل تلك التقنيات نقل غشاء أو أكثر. وقد تشمل أيضًا تعزيز الغشاء، أي زيادة حجمه. وقد تتضمن كذلك زرع أحبال اصطناعية، أي خيوط اصطناعية لتحل محل الخيوط القديمة التي قد تكون متهتكة أو تالفة. ويشتمل بعض التقنيات على تقليص حجم الحلقة، وهي تشبه إلى حد ما شد حزام حول خصرك. أحيانًا يُجرى ذلك باستخدام الخياطة فقط. وأحيانًا أخرى باستخدام حلقات أو شرائط اصطناعية.

وكما ذُكر سابقًا، قد يحدث اضطراب النظم القلبي بصورة شائعة. وفي حال اكتشاف اضطراب النظم القلبي، يجب أيضًا إضافة إجراء اضطراب النظم القلبي (الذي يُشار إليه غالبًا بإجراء المتاهة) أثناء ترميم الصمام. ويمكن أن تأخذ كل هذه المشكلات منعطفات سلبية، خاصة عند إحالة المرضى في وقت متأخر إلى إجراء الجراحة. وهناك استراتيجيات أخرى ينبغي أن يأخذها الجراح بعين الاعتبار ضمن ممارساته الجراحية عندما تكون الوظيفة البطينية أقل من المعدل الطبيعي. قد يتضمن بعضها إعادة توجيه الدم. وتُجرى إعادة توجيه ضخ الدم —إذا جاز التعبير— لإعادة الدم إلى القلب، بحيث يخف الضغط على البطين المصاب. وقد يكون إجراء إعادة توجيه الدم الأكثر شيوعًا هو عمل تحويلة غلين ثنائية الاتجاه، حيث يُحوّل الدم العائد إلى القلب مباشرة إلى الرئتين في محاولة لتخفيف الضغط على البطين المصاب. وبعد ذلك، نلجأ بالطبع إلى العلاج الطبي. من المهم الالتزام بالعلاج الطبي في الفترة المحيطة بالجراحة، ولكن الأهم هو الالتزام بالعلاج الطبي على المدى الطويل الذي يُشرف عليه طبيب القلب ويلاحظه.

لا أجد الكلمات الكافية للتعبير عن مدى أهمية نهج الفريق، وهو نهج العمل بروح الفريق متعدد التخصصات، والذي يشرف عليه عادةً الجرّاح وطبيب القلب وطبيب التخدير، إلى جانب مجموعة واسعة من خبراء الرعاية الصحية الآخرين والتابعين للفريق، وخبراء الفحص بالتصوير والأشعة الذين يشاركون جميعًا في رعاية هؤلاء الأطفال. وتتوقف مخاطر الجراحة إلى حد كبير على الوظيفة البطينية، فبشكل عام تنخفض المخاطر عندما تعمل الوظيفة البطينية بشكل طبيعي.

ومن المعلومات المهمة التي يجب على المرضى وعائلاتهم الإحاطة بها هي أنه عندما تُصلح ارتجاع صمام، سينخفض معدل الوظيفة البطينية في الحال. ما يعني أن وظيفة البطين تسوء في البداية، ثم تتحسن بشكل عام مع مرور الوقت. ونأمل أن تعود بعد ذلك إلى حالتها الطبيعية. ولكن هذا يرجع في جزء كبير منه إلى وظيفة البطين قبل الجراحة. وأكرر التأكيد على أهمية التوقيت المناسب للعملية الجراحية. وتتوقف النتائج الأخيرة —وهي البقاء على قيد الحياة— إلى حد كبير على وظيفة البطين.

تتضمن الأسئلة الشائعة التي طُرحت: إلى متى سأعيش؟ أو إلى متى سيعيش طفلي؟ وهل ستكون هناك حاجة إلى عمليات أخرى؟ بشكل عام، تتحسّن احتمالات البقاء على قيد الحياة عندما نتمكن من ترميم الصمامات وليس استبدالها. إلا أنه سيكون هناك احتمال كبير لإجراء عمليات ترميم مستقبلاً، اعتمادًا على عدد العمليات التي أجريت سابقًا، بالإضافة إلى طبيعة المشكلة الصحية. وبشكل عام، يُفضل ترميم الصمام. البقاء على قيد الحياة في مرحلة متأخرة أمر مفيد، حيث تنخفض معدلات الإصابة بالعدوى. ويتحسّن كل شيء إذا حافظنا على وظيفة البطين. وفي النهاية، قد يكون استبدال الصمام ضروريًا. ويجب إجراء محاولات معقولة ومنطقية للترميم في بادئ الأمر، وبصورة متكررة قبل اللجوء إلى الاستبدال.

ونحن بطبيعة الحال نتمتع بخبرة واسعة في ممارستنا العملية في ترميم جميع الصمامات: التاجي وثلاثي الشُرَف والأورطي. كما نؤكد على مدى أهمية نهج العمل بروح الفريق وخبرة الجراح، كما يشدد طبيب القلب على أهمية متابعة الحالة مدى الحياة، حيث يعرف الطبيب ما الأمور التي ينبغي فحصها، كما يعرف كيفية مراقبة الحالة ومتابعتها، وكذلك التوقيت المناسب لإحالة المريض إلى الجراحة. إذا كنت ترغب في الحصول على استشارة من جراح أو طبيب قلب تتعلق بحالة طفلك الذي اكتُشف إصابته بمشكلة في الصمام تحتاج إلى تدخل طبي، فلا تتردد في إخبارنا بذلك. ويسعدنا مراجعة المعلومات وتزويدك بتوصيات بناءً عليها. شكرًا على حسن الاستماع.

30/01/2024